وقد صدر هذا المؤلف في غيابه ، تحت عنوان ” دفتر طريق أحد صنّاع تونس في القرن العشرين” عن دار ليدرز للنشر وجاء في أكثر من 500 صفحة مع ألبوم من الصور والوثائق النادرة. وتطرّق الأستاذ الشاذلي العيّاري إلى نشأته صلب أسرة متواضعة، وفيرة العدد، استقرّت بضاحية حلق الوادي، وطفولته في ظروف صعبة وحرصه على النجاح في دراسته حتّى نال الدكتوراه ثم التبريز في الاقتصاد، وروى كيف شرع في التدريس بالجامعة ثم انتدابه بوزارة الخارجية وإلحاقه في مطلع الستينات بالبعثة التونسية الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك، برئاسة السفير المنجي سليم في فترة تاريخية حاسمة، وتعيينه بعدها ممثلا لتونس لدى البنك العالمي في واشنطن.
وإثر عودته إلى تونس، استأنف الأستاذ الشاذلي العياري التدريس بالجامعة وأصبح أوّل عميد تونسي لكلية الحقوق والاقتصاد، قبل أن يدعوه الرئيس بورقيبة للانضمام إلى الحكومة وزيرا في عديد القطاعات وخاصة منها التربية والاقتصاد والتخطيط.
ويتوقف الأستاذ الشاذلي العيّاري لاستذكار قرار القمة العربية باختياره لتأسيس المصرف العربي للتنمية بأفريقيا الذي استقر بالخرطوم، والتعريف بجهوده من أجل إنشاء هذا البنك على أسس ومناهج دولية وبسط أنشطته في القارة الإفريقية.
أمّا الجزء الأخير من الكتاب، فقد خصصه المؤلف لاستعراض مهامه على رأس البنك المركزي التونسي (2012 – 2018) وظروف تسلمها وشرح أهمّ الإصلاحات الجوهرية التي تمّ إدخالها على الجهاز المالي والمصرفي خلال هذه الفترة.
بأسلوب رائع وشيّق، ينقلنا الأستاذ الشاذلي العيّاري بين مختلف المحطات المتميّزة من مسيرته، مقدما شهادات تاريخية ثمينة عن أحداث عاشها وشخصيات عرفها، فجاء كتابه ثريّا في محتواه، يشدّ إليه انتباه القارئ ويطلعه على فترة مهمة من تاريخ تونس المعاصر.
عن بلاغ بتصرف
عندما يتحدث الشاذلي العيّاري عن تونس في القرن العشرين

إثر مغادرته لمهامه على رأس البنك المركزي التونسي سنة 2018. وقد تناول فيه جوانب هامّة من سيرته أستاذا جامعيا وديبلوماسيا ورجل دولة ورئيسا لمؤسسات مالية.